الاستغراب يخيم على الموقف.. ما سر عدم دعوة العراق لمفاوضات عودة سوريا؟

رغم حدوده المشتركة ومساهمته بعودة سوريا لمحيطها العربي، استبعد العراق من المفاوضات الرباعية (تركيا، سوريا،…

رغم حدوده المشتركة ومساهمته بعودة سوريا لمحيطها العربي، استبعد العراق من المفاوضات الرباعية (تركيا، سوريا، روسيا، وإيران)، الهادفة لإنهاء الأزمة السورية وتطبيع العلاقة بين دمشق وأنقرة، وهو ما أشكل عليه بعض المراقبين، مؤكدين أنه كانت هناك ضرورة لدعوة العراق لهذه المفاوضات، لاسيما وأن أمن الدولتين مشترك، في حين، برز رأي مخالف يتمثل بعدم قدرة العراق على المشاركة بحل دولي، ستكون الضامن فيه طهران وموسكو.

ويقول المحلل السياسي التركي جواد غوك، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحكومة التركية هدفها من المفاوضات التي ستنطلق بعد أيام، وحدة وأمن سوريا، لأن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وغيرهم يريدون تهديد الأمن القومي التركي والسوري معاً ولهذا السبب تريد الحكومة التركية أن تنهي المشكلة بالتعاون مع حكومة دمشق“.

ويضيف غوك، أن “الحكومة التركية تعلم أن لا سبيل لحل مشكلة الانفصاليين (قسد) إلا بالتنسيق والتعاون مع حكومة دمشق، ولهذا السبب، مهما تكون الحكومة التركية غير راغبة بوجود بشار الأسد على رأس الحكومة السورية، لكنها تدرك أن التعاون معه هو الحل الوحيد، ولهذا السبب تأتي اللقاءات حول عودة العلاقات لرفع المستوى من اللقاءات على مستوى الاستخبارات إلى وزارة الخارجية والرؤساء وكسر الجمود بين البلدين“.

وبشأن مشاركة العراق في هذه المفاوضات، يوضح المحلل التركي، أن “السؤال حول عدم مشاركة العراق، لم يكن مطروحا، رغم أن العراق له دور مهم، ويمثل قوة مهمة في المنطقة بشكل عام، لأن تهديد الأمن القومي العراقي، يعد تهديدا للجميع“.

ويستطرد أن “هناك حكومة مستقرة في العراق على عكس سوريا، والقضية العراقية لا علاقة لها بروسيا مثلا بشكل مباشر أو تركيا، لكن القضية السورية لابد أن يفتح فيها ملف آخر خاص للعراق”، مبينا أن “القضية السورية دولية، ولم يكن هناك أي طلب من أي جهة بمشاركة العراق في هده اللقاءات”، لكنه يحتمل أن “الأطراف المشاركة لا ترغب بتوسعة طاولة الحوار بسبب رغبة السعودية بالمشاركة وهو ما لا تريده هذه الدول”.

وكان وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو، أعلن يوم أمس، أن الاجتماع المرتقب بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران وسوريا، يمكن أن يعقد في 10 أيار مايو بموسكو.

يذكر أن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أعلن أمس أيضا، أن تركيا تتوقع موقفا واضحا من دمشق حيال حزب العمال الكردستاني والجماعات التابعة له فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والعودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين إلى بلادهم والنهوض بالعملية السياسية.

يشار إلى أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وصل العاصمة السورية دمشق يوم أمس الأربعاء، في أول زيارة من رئيس إيراني لسوريا منذ 12 عاما، وقد أشاد رئيسي بـ”انتصار” سوريا رغم العقوبات، في تصريح له خلال لقائه نظيره السوري بشار الأسد، كما وقع الرئيسان مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي الشامل طويل الأمد، بما يشمل مذكرة تفاهم بشأن التعاون في صناعة النفط.

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي المقيم في واشنطن نزار حيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “في السنوات السابقة كانت هناك لجنة ثلاثية، تجمع روسيا وتركيا وإيران، وعقدت اجتماعات عديدة بشأن القضية السورية، وفي مرحلة معينة كانت اجتماعاتها على مستوى الرؤساء“.

ويوضح حيدر أن “هذه الدول أخذت على عاتقها المسؤولية دون غيرها، نظرا لتواجدها على الأرض السورية وتدخلها، أمنيا واستخباريا وعسكريا، والآن أضيفت سوريا لهذه الدول، بهدف عودتها لموقعها الإقليمي“.

ويتابع: “كان من الأجدر دعوة العراق، وهذه الدعوة يجب أن توجه من سوريا أو إيران، لأن بغداد كان لها دور إيجابي بشأن الأزمة السورية، وتمثل بأنه إيجابي تجاه الدولة السورية ولم تصطف مع المعارضة، كما أن العراقيين قدموا الدماء في سوريا، بغض النظر عن صحة هذا الموقف من عدمه، إضافة إلى أن بغداد ساهمت بعودة دمشق لمحيطها العربي، بالتالي هذه الأسباب الثلاثة، تحتم على طهران ودمشق دعوة بغداد للمفاوضات“.

ويؤكد حيدر أن “العراق أيضا على علاقة حسنة مع كل الدول الأربع في المفاوضات، كما أنه يمتلك حدودا مشتركة، ومعركته ضد الإرهاب واحدة مع سوريا، لذا كان يجب أن يكون طرفا بالمفاوضات الدولية والإقليمية“.

وكان الأسد، التقى في دمشق منتصف الشهر الماضي، وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وكانت أول زيارة أيضا منذ بدء الأزمة السورية، وجاءت بعد موافقة السعودية على عودة سوريا للجامعة العربية.

كما كان وزير الخارجية السعودي فيصل المقداد، زار السعودية الشهر الماضي، لبحث “الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية“.

يشار إلى أن رئيس اتحاد البرلمان العربي رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، ترأس في شباط فبراير الماضي، وفد الاتحاد البرلماني العربي، في زيارته إلى سوريا، وهناك التقى الرئيس السوري بشار الأسد، وأكد تضامنه معها والوقوف مع شعبها، واستمرار تقديم الإمكانات اللازمة بعد حادث الزلزال.

ويأتي التوجه العراقي نحو إعادة سوريا لمحيطها العربي وكسر العزلة، بالتزامن مع تحرك إماراتي في ذات الصدد، حيث زار وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، دمشق والتقى الأسد مطلع العام الحالي، وأكد أنه “من الطبيعي أن تعود سوريا إلى عمقها“.

جدير بالذكر، أن العراق يتربط مع كل من روسيا وسوريا وإيران، بمركز أمني مشترك، يمسى “مركز التنسيق”، وقد أثمر هذا التعاون عن ملاحقة قادة تنظيم داعش وإفشال مخططات إرهابية لاستهداف روسيا وسوريا، وكان للعراق الدور الفعال في هذا المركز،نظرا لقاعدة البيانات التي يمتلكها بشأن عناصر داعش.

يذكر أنه في تشرين الثاني نوفمبر 2011، قررت الجامعة العربية تجميد عضوية سوريا، نتيجة للأحداث التي شهدتها بعد اندلاع الاحتجاجات فيها المطالبة بتغيير النظام.

من جانبه، يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق غير فاعل ومؤثر في الأزمة السياسية السورية، عكس روسيا وتركيا وإيران، فهذه الدول موجودة في الصراع المسلح والصراع السياسي والصراع الاقتصادي والصراع الجغرافي داخل سوريا، وهذه الدول مسؤولة بشكل كبير عن الأزمة السورية وتداعياتها“.

ويبين الشمري، أن “العراق لم يكن له أي انخراط في الأزمة السورية، وهنا أتحدث عن العراق الرسمي (الدولة وأجهزتها الرسمية)، فلا تدخل عراقيا مباشرا بالأزمة السورية إطلاقاً، والعراق كان ينأى بنفسه عن الصراع الإقليمي والدولي الذي كان في سوريا“.

ويضيف، أن “العراق عمل من خلال الحكومات السابقة، وحتى الحالية، على مبادرات لحل وإنهاء الأزمة في وسوريا، لكن هذه المبادرات بان يكون هناك حل سياسي، خصوصاً ببعض المنصات، مثل منصة الجامعة العربية والأمم المتحدة“.

ويتابع أن “توجه دعوة للعراق من أجل ترتيب الأوضاع في سوريا، أمر بعيد جداً، فالعراق ليس لديه الإمكانيات بهذا الصدد، وهو بعيد كل البعد أن يرسم خطوط النفوذ الإقليمي والدولي داخل سوريا، ولهذا الاجتماع الرباعي المرتقب ما بين (روسيا، إيران، تركيا، وسوريا)، جزء من ترتيب المصالحة ما بين تركيا من جهة وما بين سوريا من جهة أخرى، بضمان كل من روسيا وإيران“.

وتعتبر سوريا امتدادا لدول تضم أنصارا لإيران وتشمل العراق ولبنان واليمن أيضا، في ما بات يعرف بين أولئك الأنصار، بـ”محور المقاومة” الذي يهدف لوصول طهران برا إلى البحر الأبيض المتوسط، كما قال لـ”العالم الجديد”، محللون سياسيون في وقت سابق.

وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة قالت في بيان مشترك، في آذار مارس من العام الماضي، إنها “لا تدعم جهود تطبيع العلاقات مع الأسد“.

ومنذ بدء الأزمة السورية، دخلت تركيا على الخط بشكل مباشر وقوي، وتمكنت من قرض سيطرتها على مناطق سوريا وإخضاعها لسلطتها وقوانينها وعملتها ولغتها.

جدير بالذكر، أن الإتحاد الوطني الكردستاني، يعد من أبرز الأحزاب الكردية في العراق المتعاونة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وقد رفض سابقا استهدافه من قبل تركيا لهذا السبب، التي تصنف (قسد)، على أنها جزء من حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه إرهابيا.

إقرأ أيضا