قانون حرية التعبير.. هجوم شعبي ودفاع برلماني

مجدداً، يصر البرلمان على تمرير مشروع قانون “حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي”، رغم…

مجدداً، يصر البرلمان على تمرير مشروع قانون “حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي”، رغم المعارضة القوية له والتي أطاحت به سابقا من جدول أعمال المجلس، وفيما وصف ناشطون القانون بأنه عودة لزمن الديكتاتورية، مسك النواب المستقلون العصا من الوسط، بمقابل تبرير قوى الإطار له، حيث أكدوا ضرورة وضع محددات للتظاهر ولا يمكن تركها مفتوحة.

ويقول الناشط المدني، أحمد قاسم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الأفواه لا يُمكن أن تكمم، ولا يوجد منطق في أن يأخذ المتظاهر إذناً قبل أن يخرج للاحتجاج، والدولة التي تفعل ذلك، فإنها تحرم أبناءها من حقوقهم”.

ويؤكد قاسم، أن “هذا القانون الذي سيخضع للقراءة الثانية، مفصّل على مقاسات الكتل السياسية، وإنها تريد أن تمنع الناشطين من إقامة أي تظاهرة ضدهم في المستقبل”.

ويلفت إلى أن “الإعلامي الذي يتكلم بقضية ما، فإنه سرعان ما تُقام عليه دعوى قضائية”، مشيراً إلى أن “ما يجري حالياً، يشبه ما حصل في النظام السابق، حينما كان يُعدم من يحتّج على النظام، أما الآن فإنه سرعان ما يواجه السجن بتهم كيدية، واعتقال يأتي بسبب عدم أخذ الإذن في التظاهر”.

ويشدد قاسم، على أن “هذا القانون مرفوض من الشعب، لأنه يكمم الأفواه، والمجتمع العراقي لا يمكن له أن يرضى بأن تُكمم أفواهه”.

وقد أدرج مجلس النواب، في جدول أعماله لجلسته اليوم الثلاثاء، فقرة القراءة الثانية لمشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي.

ومنذ فترة حاول البرلمان تمرير قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، حيث أدرجه على جدول أعماله قبل أن يرفع منها بضغط من بعض الكتل السياسية المدنية، ويأتي طرح هذا القانون بعد طرح قانون جرائم المعلوماتية قبله، والذي رفع من جدول الأعمال بضغط أيضا.

وتعد هذه القوانين، وفقا لناشطين وإعلاميين، مقيدة لحرية الرأي وتفرض عقوبات بالسجن والغرامات الكبيرة على كل من يحاول إبداء رأيه، في خطوة اعتبرت مخالفة للدستور العراقي الذي كفل حرية التعبير عن الرأي.

وحول الموضوع، يكشف عضو اللجنة القانونية النيابية، النائب المستقل، محمد عنوز، لـ “العالم الجديد”، إن “الخلاف الآن حول موضوع التظاهر، والإبلاغ عن إقامة تظاهرة معينة، فهناك جهة مؤيدة، وأخرى رافضة”.

ويضيف عنوز، أن “تنظيم عمل التظاهر ضروري، فحرية التعبير من الحريات المقدسة، ويجب أن لا تؤثر على الأمن العام والممتلكات العامة والخاصة، ويجب أن تكون بطريقة سلمية لإيصال الصوت إلى الجهات المعنية”، مشيراً إلى أن “هذا الأمر يحتاج إلى تنظيم، لكن يجب أن لا يكون به جنبة، أو أن تتدخل به السلطات، وبالتالي قد تمنع إقامة التظاهرات”.

ويكمل: “أصولا أن التظاهرة يجب أن تكون بأوقات مناسبة، ولا تضر بمصالح الآخرين وتتجاوز على مؤسسات الدولة، فقد شاهدنا تظاهرات في العالم، تنحدر وتصل إلى اتجاهات غير مناسبة”.

ويشير إلى أن “قضية حرية التعبير في الإعلام ضرورية، والمجتمع يفكر بعدم التشهير وعدم المساس بكرامة المواطنين بشكل عام”، مضيفاً: “مَن لديه ملف أو معلومات حول شبهات فساد، يفترض أن يذهب إلى الجهات المعنية، من دون ذكرها في الصحافة، وبعدها يتم الإعلان عنه في وسائل الإعلام “.

يشار إلى أن المادة 38 من الدستور تنص على: تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب: أولاً:- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانياً:- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ثالثاً:- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون.

جدير بالذكر، أن جميع هذه القوانين ما زالت تستند إلى مواد في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، وفي الفترة الأخيرة جرى الاستناد إلى المادة 403 من القانون الخاصة بخدش الحياء.

بالمقابل، يرى النائب عن دولة القانون، ثائر مخيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قضية حرية التعبير عن الرأي قد تُستغل إذا لم تُوضع لها محددات، ومَن أعطيت لهم الحرية بالتعبير عن آرائهم، قد يتجاوزون الحدود في هذا الإطار”.

ويضيف مخيث، أن “هناك قانونا ودستورا يحميان حرية التعبير عن الرأي والتظاهر، لكن عندما يكون الاستهداف شخصيا، ويسمون الأشياء بمسمياتها وهناك شتائم، فإنها تخرج عن إطارها الحقيقي”.

ويبين أن “القضاء محدد باتخاذ القرارات إزاء الذين يخرجون عن إطار حرية التعبير عن الرأي، والجهات التنفيذية، لا تستطيع أن تأخذ دورها في هذا الموضوع، لأنها مباشرةً تُتهم بقمع المتظاهرين”.

وقبل أيام، جرت عمليات اعتقال لبعض الناشطين البارزين والمدونين لانتقادهم ضعف الخدمات في النجف وواسط، وحاولت “العالم الجديد”، التواصل مع بعضهم لكنهم رفضوا الحديث امتثالا لوعود حكومة بإسقاط الدعاوى ضدهم في حال “صمتهم”.

ومؤخرا أيضاً، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية، نقلا عن مصدر حكومي، اتخاذ إجراءات رادعة بحق موظفين تسببوا بتسريب الكتب الرسمية الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء إلى وسائل الإعلام، وتم إحالة بعضهم لهيئة النزاهة.

إقرأ أيضا