أزمـة خليفة السيستاني (1)

 

كثيراً ما تتداول الأوساط السياسية والدينية خلافة المرجع الديني الأعلى للشيعة السيد علي السيستاني؟

 

سؤال لو نقبنا عن جوابٍ له سنجدُ أننا في أزمة حقيقية وسط هذا الضجيج الذي تتنازع فيه مرجعيات الأدلجة الدينية وضدياتها من المرجعيات الأُم، الحافظة لتراث النجف وحوزةِ شيخها الطوسي. ولإيضاح مخرجات ذلك النزاع الذي دائما ما ينتصرُ فيه التراث على الحداثة الدينية، مهما كانت مسمياتها وعناوينها. دعاة الأدلجة الدينية بما يحملون من فقاهةٍ ومعرفةٍ وجهاد، لم يستطيعوا أن يسبروا غور المزاج النجفي الوعر، وطابعه النرجسي الحاد، لذا فالنتيجة دائماً ما تكون لصالح التيار المناهض لهم، ابتداءً من صراع طائفتي المشروطة والمستبدة، بين المرجعين (السيد كاظم اليزدي) و(الشيخ محمد كاظم الخراساني)، مروراً باحتراب المواجهة بين منظري الولاية السياسية (باقر الصدر- الخميني)، قِبال نديتها التي جسدتها مرجعية السيد أبو القاسم الخوئي، ولا ينتهي المطاف عند السيد السيستاني ومجايليهِ من ملحقات التيار الولائي الذي يسعى إلى فرضِ واقعه.

 

وفي خضم تلك الاحترابات والاضطرابات، انضوى البعض واعترف الآخر بسيادة “المرجعية التقليدية”، بزعامة السيستاني واترابه التقليديين الثلاث، حيث أن وعي الطائفة الجمعي وجّه و(بحكم طبيعة الأجواء الآنية) نحو نتاج النجف، علماً أن مجمل المدارس الفقهية المنافسة لها، باتت خارج الحسابات ولعبة السباق إزاء الخلافة المرجعية للطائفة الأمامية. والمتتبع لسياق الحدث التأريخي لتلك المسألة سيجد أن معظم مرجعيات “قم” و”لبنان” مرجعياتٌ محلية وعلى محيطها الجغرافي فقط، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، فمنظومة الفقه التقليدي الضابطة لقواعد التشيع الديني، أضحت “خوئيةً” بامتياز، وذلك يعود إلى طابع العامل الزمني، الذي حظيت به مرجعية السيد الخوئي، والتي امتدت قرابة عقدين ونصف، والذي تدين له معظم الحوزات العلمية بالولاء المعرفي، الممتد عبر الشيخ النائيني إلى تراث الشيخ مرتضى الأنصاري الذي يرى في مشروعية ولاية الفقيه (خرط القتاد).

 

وهذا ما يعتقد بهِ خط التشيع العام، في ظل الألفية الثالثة، ممثلاً بأبرز خمسة فقهاء وهم (السيد علي السيستاني والسيد محمد سعيد الحكيم والشيخ إسحاق الفياض والشيخ بشير النجفي، من العراق والشيخ الوحيد الخراساني في إيران، بيد أن التأثير المرجعي الأخير لا يتعدى موطنه. وبهذا تكون النجف الحلبة التي تصطرع عليها كل المرجعيات الدينية، بغية اعتلاء سدة الفاتيكان الشيعي المطلة على مُريدي وأتباع الخط الإمامي، في كل العالم والذين يقدر عددهم بنحو 300 مليون فرد، أي بما يعادل 15% من المجموع الكلي لمسلمي العالم المقدر عددهم بمليار ونصف، بحسب إحصائيات الكاتب ولي نصر، في كتابه الموسوم (صحوة الشيعة).

 

أقرأ أيضا