الحكيم والتحالف وذكاء الدعاة

 

ربيب البيوتات الدينية النجفية الذي لم يدّخر من إرثهِ سوى لقبٍ تباينت الآراء حوله بعد تجربةٍ سياسيةٍ مريرة، مثلت أسرتهُ وأترابها النجفيات قطب الرحى فيها. إطلالتهُ المترسخة من أرضٍ تُعاني من رُهابِ المتغيّرات والحداثة وتعانقُ تراثها بحميميةٍ ونرجسيةٍ ودماثة. لتأنف أَيّ متغيرٍ جديد. محاولةُ إثبات الذات فيها يتطلبُ السيرَ في مسالكٍ وعـرة ودهاليز لا يُتقنها إلا رواد محافل “البازار”.

 

من الزعامةِ الدينيةِ الى نظيرتها السياسية لا يزال الحكيميون يواصلون الكدّح لإثباتِ آنويتهم “المُقـدَسة” على مدينتهم وأتباعهم و”مكاريدِ” طائفتهم. فزعامة التحالف الوطني تُمثل أسمى غايات وطموح هذا السياسي الشاب، الذي يرى فيها استعادةً لأمجادِ والده في قيادتهِ لقوى التشيع السياسي طيلة سنوات العهد الجديد. العهد الذي يكمنُ داؤهُ في “شلليـةٍ” تعيـشُ خارج نطاق الراهن وضدّ مجريات الواقع، أفكارها أضحت تناصاً إعجازياً يتماهى بطراوةٍ عالية مع سرديةِ أصحابِ أهل الكهف. وبعد كلّ سنواتِ الخوف والمهانة والابتذال لا يتوانى السيد عمار الحكيم في إطلاقِ مبادراتهِ “الإنقاذية” والتي كان آخرها الدعوة الى “مأسسة” التحالف الشيعي، وفق قواعد وبنود سقيفة بني ساعدة بنسختها الشيعية. الأمر الذي راق كثيراً للدعاة الذين دائماً ما يسبرون أغـوار الطريق إلى السلطة، وهم في ذات الوقت يمررون زعامةِ تحالفهم من تحت أقدّامِ الجعفري إلى الحكيم الذي كان يُمنيّ النفس بكنيةِ زعيم التحالف الوطني بُغيةِ إضافةٍ جديدةٍ لمعجم ألقاب العائلة وتراثها ورصيدّها المعنوي.

 

فاعليةُ التحالف الحاكم قبل وبعد رياسة الحكيم عاشت وتعيش صرّاع القتل المعنوي، لا سيما بعد مغامرات “الصـدّر الإنشقاقية” التي قضمت هرمية كيانّ المذهب السياسي، والذي دائماً ما يلوحُ بعصا التمرد على هذا الكيان الهـرم، ولا نعدّم هيمنة شبح الولاية الثالثة المتقافز على أكثر من جناحٍ نيابيٍ كتلوي، والمشرف العام على عملية تقليم أظافر حكومة حيدر العبادي، وقائد حملة الانتقام من مناهضي حلمه الرئاسي الثالث، راهنيةٌ تجعلهُ قائداً فعلياً لتحالفِ سُلطةٍ بإمكانهِ أن يُطيحَ بها بأي لحظةِ “سمـرٍ سياسي” دون خوف أو وجلّ من شركاء المعادلة ومنظري فلسفة “التوازن الوطني”. حينها سيُبرر الحكيم دوره الصوري بأنه أراد الحفاظ على سيادة ورفعة “عمامة النجف” التي مُزق شرفها على فروجِ السلطة.

 

أقرأ أيضا