اتفاقيات العراق وتركيا تصطدم بـ«النفوذ الإيراني».. فهل بات من الصعب تطبيقها؟

يبدو أن توقيع 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين العراق وتركيا، خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى بغداد، بات من الصعب تطبيقها على أرض الواقع، رغم تحقيق أنقرة هدفها المنشود من الزيارة ، ألا وهو حظر حزب العمال الكردستاني والتعاون بشأن طريق التنمية، حيث أشّر تقرير أمريكي، اليوم الخميس، إلى “تحديات إيرانية”، قد تقف بوجه، تلك الإتفاقيات، فضلا عن قرب انتهاء ولاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

ووصل في 22 نيسان أبريل الجاري، الرئيس التركي، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الأولى منذ 13 عاما، بعد أن كانت آخر زيارة له حين كان رئيسا للوزراء في آذار مارس 2011.

إذ ذكر تقرير لإذاعة “صوت أمريكا”، وأطلعت عليه “العالم الجديد”، إن “اتفاق أردوغان والسوداني على توسيع العلاقات الثنائية، سيواجه تحديا من الجار الإيراني الذي أقام لنفسه نفوذا سياسيا كبيرا في العراق”.

وفي حين ذكّر التقرير بالتوصل الى 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم تشكل “خريطة طريق” لاستدامة التعاون بين تركيا والعراق، و”نقطة تحول” مثلما وصفها اردوغان، قال، إنه “تناولت قضايا رئيسية مثل الامن وادارة المياه والتجارة والاتفاق الأولي بين انقرة وبغداد والدوحة وأبوظبي حول مشروع “طريق التنمية” الذي يفترض أن يربط دول الخليج بتركيا وأوروبا عبر العراق.

إلا أن التقرير قال، بأن “بعض الخبراء يشككون في قدرة تركيا على توسيع مصالحها في العراق حيث انهم يعتقدون أن إيران باعتبار انها منافس اقليمي يتمتع بنفوذ أكبر في العراق، هي التي تساهم في نهاية المطاف في تحديد علاقات انقرة مع بغداد”.

ونقل التقرير عن الباحث في مركز الإمارات للسياسات سردار عزيز، وهو مستشار سابق في برلمان إقليم كردستان، قوله، إنه “من المشكوك فيها ان توافق إيران على ان تصبح دولة عضو في حلف الناتو، ومنافسة لطهران، اللاعب الرئيسي في العراق”.

ولفت عزيز ايضا، إلى أن “ولاية الحكومة العراقية الحالية تشارف على نهايتها، مما يزيد من الشكوك بالنسبة لتركيا”، موضحا أنه “لم يتبق لرئيس الوزراء السوداني سوى عام واحد في منصبه، وفرص بقائه في منصبه منخفضة جدا”.

ونقل التقرير عن عزيز قوله، إنه بالاضافة الى ذلك، فانه “لم يتم تخصيص اية أموال في الميزانية العراقية لهذه المشاريع، وهو ما يجعل من المستحيل أن تصبح هذه الاتفاقيات طويلة الأمد، ما لم توافق عليها إيران”.

وذكر التقرير الأمريكي، أنه “بينما تعتبر المنافسة على النفوذ بين تركيا وإيران حول العراق ليست جديدة، غير انه اشار الى ان طهران تتمتع بالنفوذ الأكبر منذ الغزو الأمريكي في العام 2003″، مضيفا ان “قوات الحشد الشعبي، عززت نفوذ الأيدي الإيرانية في العراق منذ العام 2014”.

وتابع التقرير، أن “الخبراء يعتقدون ان تركيا تحاول موازنة الهيمنة الإيرانية من خلال دعم المكونين السني والتركماني في العراق”.

وذكر التقرير، بان “اردوغان التقى مجموعة من ممثلي المكون التركماني في بغداد، وذلك بعد اجتماع آخر مع ممثلي المكون السني”.

لكن بحسب الكاتب العراقي حسن الناصر، فإن “النفوذ التركي على السنة في العراق، قد لا يكون عاملا مساعدا اردوغان في ظل الانقسام الكبير في القاعدة السياسية السنية، خاصة بعد اقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وهي الخطوة التي اعتبرها بعض قادة السنة بمثابة محاول تهميش للمكون السني في البلد”.

ونقل التقرير عن الناصر قوله ان “القادة السياسيين السنة حائرون ما بين تركيا والسعودية وقطر والإمارات وحتى الاردن، ولا يوجد إجماع بين سنة العراق حول شغل منصب رئيس البرلمان”.

اما نزار حيدر، وهو مدير المركز الإعلامي العراقي ومقره في فرجينيا، فيقول، إن “تركيا تستغل الانقسامات الطائفية في العراق باعتبارها ورقة تفاوض”، موضحا ان “الجمهور العراقي اصيب بصدمة بصورة اردوغان وهو يجتمع مع من وصفهم بأنهم ممثلو الطائفة السنية والطائفة التركمانية، مضيفا “هذه مسألة شديدة الخطورة”.

ونقل التقرير عن حيدر قوله، إن “الطائفتين السنية والتركمانية تنظران الى انقرة باعتبار انها قوة داعمة في العملية السياسية العراقية، كما تنظر انقرة الى الطائفتين السنية والتركمانية على انهما ورقة التفاوض مع الحكومة العراقية”.

واعتبر التقرير، ان “الدور الإيراني قد يؤدي الى تعقيد محاولات العراق وتركيا للتعاون في المجال الأمني، مذكرا بما قاله اردوغان على متن طائرة سفره العائدة الى انقرة”، حيث اشار الى ان “المسؤولين العراقيين وافقوا على التعاون مع حكومته ضد حزب العمال الكردستاني، وأنه يرغب بأن يرى نتائج ملموسة لتصنيف بغداد للحزب على أنه منظمة محظورة”.

وبحسب عزيز، الباحث في مركز الإمارات للسياسات، فإنه “يبدو بان تركيا لم تحقق هدفها المتمثل في اقناع العراق بالاعتراف بحزب العمال الكوردستاني كمنظمة إرهابية”.

واوضح سنجار حسبما نقل عنه التقرير، أنه “من الناحية العملية، تعتبر مساعدة العراق لتركيا ضد حزب العمال الكردستاني مسألة صعبة، لأن للقضية أبعادها الجيوسياسية والاقليمية”، مضيفا ان “العمليات العسكرية التركية المتوقعة داخل العراق، خصوصا في مدينة سنجار، حيث ينشط حزب العمال الكردستاني وقوات الحشد الشعبي ايضا، يمكن ان يتسبب في انخراط مباشر من من جانب إيران”.

ومن جهته، يتوقع حيدر من المركز الإعلامي العراقي في فرجينيا، “ألا تكون هناك معارضة من جانب إيران للعملية العسكرية التركية مستقبلا ضد المسلحين الكرد في العراق”، موضحا أن طهران “ستوافق على مثل هذه العملية من قبل تركيا لانها ستؤمن لإيران فرصة جيدة لتعزيز مصالحها الاستراتيجية داخل الأراضي العراقية، وهو سيناريو مفيد للطرفين، إيران وتركيا”.

وكان أردوغان  قد أكد في 23 نيسان أبريل الجاري، على ضرورة توطيد العلاقات مع العراق في جميع المجالات، معتبراً أن توقيع اتفاقيات اليوم مع العراق هي صفحة جديدة ومنطلقاً لمستقبل البلدين في حين كشف عن توقيع اتفاقية مع العراق لاعتبار PKK منظمة إرهابية من أجل مكافحتها والقضاء عليها، حسب قوله.

إقرأ أيضا