بلاسخارت تغادر منصبها.. وتهم الفساد و«شهادة الزور» ومسؤولية «دماء تشرين» تلاحقها

بعد خمسة أعوام من عملها، جينين بلاسخارت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستغادر منصبها قريباً، لتثير موجة من الانتقادات الحادة حول طبيعة عملها طيلة تلك المدة.

فقد كانت بلاسخارت في نظر البعض جزءا من المشكلة وليس الحل، حتى فقدت حيادتها في العمل وسارعت من رحيلها، إذ انتقد سياسيون وباحثون في الشأن السياسي، فضلا عن مدونين عبر مواقع التواصل الإجتماعي عمل بلاسخارت، مؤكدين أنها كانت “شاهد زور” لحساب السلطات العراقية، ولم تكن نزيهة او منصفة مع الشعب العراقي، فيما حمل البعض الآخر بلاسخارت مسؤولية الدماء التي هدرت في تشرين عام 2019.

كما طالب السياسي البارز مشعان الجبوري، اليوم الأحد، في تدوينة له عبر موقع “أكس”، بفتح تحقيق معها في نهاية عملها، بالقول: “في نهاية عمل المبعوثة الأممية بلاسخارت نطالب الأمم المتحدة بفتح التحقيق في اتهامات الفساد والتربح الموجهة لبعثتها في العراق”.

وأضاف الجبوري: “أما تقييم أداء بلاسخارت فإنه كان سيئاً وقامت بدور “شاهد الزور” الذي يحرف الحقائق ولم تكن موضوعية و انحازت دائماً للسلطات على حساب عموم الشعب العراقي”.

وأسند الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى السياسية والدبلوماسية الهولندية بلاسخارت، مواليد أبريلنيسان 1973، منصب رئاسة البعثة الأممية في العراق في آواخر شهر آب أغسطس 2018 خلفا للسلوفاكي يان كوبيس.

إلى ذلك، قال الباحث في الشأن السياسي باسل حسين في تدوينة له عبر موقع “أكس”، “في اعتقادي ان البعثة الاممية كانت شاهد زور بكل معنى الكلمة ولم تكن نزيهة او منصفة مع الشعب العراقي.

وأضاف أن “الكلمات المعسولة لن تغسل خمس سنوات من الأداء السئ لك سيدتي، واتمنى ان يأتي يوم وتفتح الأمم المتحدة تحقيقا عن فترة ولايتك و الفصل في الاتهامات الموجهة إليك بالفساد”.

من جهة أخرى، حمل مدونون عبر مواقع التواصل الإجتماعي، بلاسخارت مسؤولية الدماء الشباب التي راحت في ثورة تشرين عام 2019″.

وأعلنت الممثلة الأممية في العراق جينين بلاسخارت في 6 شباط فبراير الماضي، اَنها ستتنحى عن منصبِها في آيار مايو المقبل، وذلك بعد اَن قضَت خمسَ سنوات في المنصب.

 وحذرت بلاسخارت في احاطةٍ لها أمام مجلس الأمن الدولي من “تداعيات خطيرة وكبيرة قد يتعرض لها العراق في حال  استمر تصاعد التوترات في المنطقة، وقالت اِن: “الهجماتِ التي تأتي من داخلِ العراق ومن خارجِه خلفت واقعا سيئا يتطلب تحييد الجهاتِ المسلحة التي تتصرف خارج سيطرةِ الدولة، وإلا فاِن استمرار الهجماتِ سيَقضي على كل ِ جهودِ تحقيق ِ الاستقرار في العراق”.

 وحول العلاقة بين المركز والاقليم، دعت ممثلة الأمم المتحدة في العراق الحكومة المركزية الى “ايجاد حلول جذرية لملف رواتب موظفي إقليم كردستان وقالت أن تأجيل الانتخابات التشريعية في كردستان مرات عدة لن يكون في صالح إلاقليم ولا استقرار العراق”.

يشار إلى أن صورة بلاسخارت قد ارتبطت بالعديد من الانتقادات، ففي 30 تشرين الأول 2019 زارت بلاسخارت ساحة التحرير وعلى إثرها أصدرت بياناً جاء فيه: “إن الحكومة ليس بوسعها أن تعالج بشكل كلي تركة الماضي والتحديات الراهنة خلال عامٍ واحدٍ فقط من عمرها”.

وأثار تنقل بلاسخارت بـ”التوك توك” بين جموع متظاهري تشرين في الوقت الذي كانت أرصفة شوارع ساحة التحرير مبللة بدماء المتظاهرين وجثثهم المحترقة بالدخانيات، عاصفة من الانتقادات اللاذعة، لكونها تلتقي طرفي الصراع القاتل والضحية على حد سواء، حتى راح البعض يقول إنها التقت بالطرف الثالث الذي كان يقتل المتظاهرين غير مبالية بالدور الذي يجب أن تضطلع به.

قبل ذلك، كانت هناك عواصف من الانتقادات واجهت بلاسخارت وهي تتراقص بفروها على أرض مكسوّة بالثلج في كردستان العراق، في الوقت الذي كان فيه عشرات الآلاف من النازحين يموتون تجمداً من البرد في قلب العواصف الثلجية، حيث كان النقد يتلخص بالدور المفترض الذي يجب أن يثير اهتمام ممثلة المنظمة الأممية في العراق وإن كانت لا تهتم لقضايا النازحين أو حقوق الإنسان في هذا البلد.

ويشير أرشيف الأمم المتحدة إلى صدور أكثر من 20 قرارا في الفترة بين عامي 2003 و2020 تبناها مجلس الأمن حول العراق، بينها قرارات مخصصة لتحديد واجبات ومهام الأمم المتحدة لمساعدة العراق، بما فيها مساعدته في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وبناء نظام قضائي فعال وتحقيق المصالحة الوطنية من أجل وضعه على طريق الاستقرار، لكن المضحك المبكي أن أغلب تلك الوعود البراقة ظلت حبراً على ورق وأصبحت خطابات بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي مكررة مما افقدها الحيادية في عملها.

ونشرت الأمم المتحدة في 2018 موجزاً عن مسيرة بلاسخارت المهنية جاء فيها أنه لديها خبرة سياسية ودبلوماسية تمتد لأكثر من 20 عاماً، حيث شغلت مناصب وزارية وبرلمانية مهمة في بلادها هولندا، فقد كانت بلاسخارت أول وزيرة للدفاع في هولندا وتولت هذا المنصب خلال الفترة ما بين 2012 إلى 2017 وهي الفترة التي شهدت ظهور داعش.

وبحكم منصبها كانت مسؤولة عن قيادة عمل أركان القوات المسلحة وقيادة قوات الدعم وهيئة التموين العسكري والقوات الملكية الهولندية الأربع: الجوية، البحرية، البرية والشرطة العسكرية والحدودية.

وتولت الإشراف على مشاركة بلادها في الحرب على الجماعات المتطرفة في كل مالي في القارة الأفريقية وأفغانستان والعراق وكانت المسؤولة عن التنسيق مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي -الناتو والأمم المتحدة.

وكانت بلاسخارت نائبة في البرلمان الهولندي خلال 2010-2012 ونائبة في البرلمان الأوروبي بين عامي 2004 و2010، وعملت في بعثة المفوضية الأوروبية في كل امستردام والعاصمة اللاتفية ريغا.

إقرأ أيضا