“عقبة مزمنة”.. العراق نحو تقليل الاعتماد على الغاز المستورد

ملايين الدولارات تُحرق يومياً في العراق، ليست أمولاً فائضة أو مزورة ولا حتى أموالاً تحرق…

ملايين الدولارات تُحرق يومياً في العراق، ليست أمولاً فائضة أو مزورة ولا حتى أموالاً تحرق بالخطأ، بل هي ثروة عراقية هائلة تُحرق في الهواء دون حسيب أو رقيب. حيث العشرات من “شُعل” الغاز المصاحب للنفط تحرق في البلاد، والتي تقدر خسائرها في النهاية بمليارات الدولارات، حيث يحرق العراق غازاً بقيمة سبعة مليارات، ويستورد عنه غازاً من إيران بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، والنتيجة أن الدولة تخسر سنوياً عشرة مليارات دولار.

وسط هذه الخسائر الفادحة، وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أزمة النقص الحاصل بإمداد الطاقة في البلاد بـ”المشكلة المزمنة” التي تتطلب استعدادات عالية لمعالجتها، مؤكداً المضي بتقليل الاعتماد على الغاز المستورد في تشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية.

هذه التصريحات جاءت في بيان لمكتب السوداني اليوم الأربعاء 31 أيار مايو 2023، خلال افتتاحه محطات تحويلية للضغط العالي للطاقة الكهربائية 400 كـ ف، في محطة القدس الغازية، الواقعة في منطقة الراشدية شمال شرق بغداد، ومحطة الرشيد الغازية في جنوب غرب العاصمة، من أجل فكّ الاختناقات الحاصلة في منظومة الطاقة الكهربائية عن العديد من مناطق بغداد، وفقا لبيان صادر عن المكتب الإعلامي للسوداني.

ويضيف البيان أن رئيس الوزراء، ترأس خلال زيارته إلى محطة القدس، اجتماعاً ضمّ ممثلين عن شركتي سيمنز و جنرال إلكتريك، والكادر المتقدم في وزارة الكهرباء، جرت خلاله مراجعة للخطوات الخاصة بإدامة ورفع كفاءة محطات الطاقة الكهربائية، والتأكد من سير الإجراءات في تنفيذ العقود التي أُبرمت مؤخراً.

ويلفت إلى أن السوداني تابع أيضاً عمليات نصب منظومات التبريد لمحطات التوليد التي ستتمّ المباشرة بها قريباً، والتي من شأنها أن تزيد من إنتاج الطاقة الكهربائية.

إقرأ أيضاً: تضليل وخفايا.. الغاز الإيراني يكشف الدعم السياسي و”الفقر” الاقتصادي للعراق  

ومع كل هذا لا كهرباء تكفي الشعب العراقي، فلا الخسائر حلت المعضلة ولا الغاز الإيراني المستورد تدخل لحلها.

“أين يذهب غاز العراق؟”.. ولماذا تستورد بغداد الغاز من إيران بدلاً من استخراجه؟، أسئلة وإشارات استفهام حول ثروة ما يزال العراقيون يبحثون عنها.

ويقول السوداني، إن حكومته وضعت مشكلة الكهرباء “ضمن الأولويات”، وأن التعامل مع هذه المشكلة المزمنة يتطلب عملاً واستعداداً عاليين، لأن المواطن ينتظر الحلول التي تنهي أزمة الكهرباء المستمرة.

ويوضح أن “الحكومة ماضية بخططها في استثمار الغاز المصاحب والغاز الطبيعي في مجال الطاقة، من أجل تقليل الاعتماد على الغاز المستورد، بالإضافة إلى منع الآثار الضارة التي يتسبب بها حرق الغاز المصاحب”.

“افتتاح  المرحلةَ الأولى من مشروعِ معمل تسييل الغاز الطبيعي في حقلِ الرميلةِ النفطي”، ويذكر مكتب الاعلام والاتصال الحكومي في وزارة النفط بهذا الخصوص، أن المشروع يهدفُ في المرحلة الاولى الى استثمار  الغاز المصاحب بطاقة 200 مقمق.

وسترتفع نهايةَ العام الجاري طاقة المشروع إلى معدل 400 مقمق باليوم، بعد اضافة كمية 200مقمق من المرحلة الثانية .وسيقوم المشروع بتجهيز شبكة توليد الكهرباء الوطنية بمعدل 320 مقمق من الغاز الجاف، لتساهم في توليدِ 1900 ميكاواط، وفقاً لوزارة النفط.

كما تشير الوزارة إلى أنه سيتم  انتاجِ كميةِ 2150 طن من الغازِ السائلِ “غاز الطبخ” باليوم ، وانتاج كمية  5900 برميل يومياً من المكثفاتِ، ويسهم في إيقاف  اطلاقِ كمية 10 ملايين طُن من غاز ثاني أوكسيدِ الكاربون سنوياً الى الفضاءِ الخارجي

يذكر أن شركة غاز البصرة باشرت ببناء المعمل في عام 2019 وبرغم التحديات لجائحة كورونا خلال 2020 و عام 2021 استمرت اعمال الانشاءات حتى اكمال المشروع هذا العام، وشمل المشروع انشاء المعمل والوحدة الاولى والثانية ووحدات الخدمات وخطوط الانابيب التي تربط المعمل بالمنشآت الاخرى  ومد خط لنقل الطاقة الكهربائية الى المعمل وتطوير المنشآت الحالية في موقع الرميلة الشمالية لتمكنها من دفع الغاز بالطاقات المطلوبة وتطوير منشآت التصدير في مجمع ام قصر وتأهيل الطرق الواصلة للمعمل وأعمال اخرى.

محاولات تضليل وخفايا عدة كشف عنها متخصصون بالطاقة حول استيراد العراق للغاز الإيراني من أجل تشغيل محطات الكهرباء، حيث أشاروا إلى أن الحديث عن مضاعفة الاستيراد إلى 40 مليون متر مكعب، يعد أقل من الكمية التي نص عليها العقد المبرم مع طهران، والبالغ 50 مليونا، وفيما أكدوا أن العراق غير قادر على خزن الغاز لموسم الصيف المقبل، بينوا أن إيران ربما لن توقف ضخ الغاز هذه المرة في الأشهر المقبلة، لعدم إحراج الحكومة المشكلة من قبل حليفها الإطار التنسيقي.

وكانت وكالة “مهر” الإيرانية، ذكرت في وقت سابق أن الصادرات الإيرانية من الغاز الطبيعي إلى العراق، ارتفعت بشكل كبير في شهر نيسان أبريل الماضي، لتصل إلى 30- 40 مليون متر مكعب، وذلك نقلا عن شركة “MEES” المتخصصة بتحليلات النفط والغاز الإقليمية.

وبحسب تقرير الشركة، فإن إمدادات الغاز الإيراني إلى العراق ارتفعت ثلاث أو أربع مرات خلال الشهر الماضي، مقارنة بالأشهر الأولى من العام الحالي.

إقرأ أيضا