إلى مفوضية الانتخابات.. أما كان ذلك ممكناً؟

سبق أن كتبت ودعوت إلى أن يتم تحديث سجل الناخبين بطريقة تختلف عما اعتادت مفوضية الانتخابات عمله في الانتخابات السابقة، وتعرضت المفوضية ،وستتعرض، إلى إنتقادات كبيرة في موضوع تحديث سجل الناخبين. وسيكون لزاماً عليها أن تجيب عن أسئلة محرجة مثل، لماذا لم يكن بالإمكان عمل بطاقات لكل من يحق له التصويت؟ لماذا لم يستلم بعض من حدثوا بياناتهم، بطاقاتهم؟ ألا يعد ذلك فشلاً في أداء المفوضية لعمل يؤسس ويدعم ظهورنتائج حقيقية للانتخابات؟ كيف يمكن تبرير إخفاق المفوضية لهذا العمل التأسيسي قبل كل انتخابات؟

أعرف إن هناك من سيدافع عن هذا الخلل الوظيفي الفاقع، بأن ليس من حق المفوضية “إجبار المواطنين” على تحديثث وإقتناء بطاقاتهم؟ أو تبريرات أخرى مشابهة لا تخرج عن هذا السياق، لتبرير فشل مزمن للمفوضية في كل دوراتها السابقة.

سأعرض فيما يلي الفكرة التي سبق أن طرحتها بوسائل مختلفة منذ سنوات، ولم يتم العمل بها، وأرسلت نسخة منها لأحد أعضاء مجلس الفوضين لهذه المفوضية -لا أريد أن أذكر إسمه حرصاً منى على عدم إحراجه- لكن يبدو إن ثمة سياقات عمل روتينية غير منتجة لا تستطيع المفوضية مغادرتها.

السياق المتبع حالياً- والذي ثبت فشله تماماً- هو أن تنتظر مكاتب تحديث سجل الناخبين، المواطن أن يذهب أو لا يذهب إليها لتحديث بطاقته، وبسبب إنشغالات المواطن “الرجل والمرأة على السواء” بتدبيرمقتضيات ومتطلبات أسرته، لا يحظى موضوع تحديث بطاقته بأولوية عنده/ها، لذلك كان على موظفي هذه المكاتب عكس طريقة العمل، بذهابهم إلى المواطنين في بيوتهم لتحديث بطاقاتهم، كل في منطقة ونطاق عمله، وليس بإنتظار المواطن قد يأتي أو لا يأتي.

وكي تكون العملية منتجة أكثر، وتوفر بيانات قد تحتاج إليها مؤسسات أخرى، على هذه المكاتب أن تجمع البيانات الخاصة بكل أفراد العوائل التي تزورها في منطقتها، بما في ذلك من هم دون السن القانونية للإنتخاب، كي تكون لدى المفوضية بيانات لتحديث سجل الناخبين للسنوات القادمة يمكن إنجازه بإنسيابية ويسر، تغني عن تكرار هذه العملية قبل كل انتخابات، وكذلك يمكن أن تقوم المفوضية بتزويد باقي الوزرارات والمؤسسسات التي تحتاجها، مثل وزارة التجارة، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وزارة الداخلية، وزارة التخطيط.

ليس المطلوب أن يتم كل ذلك خلال مدة يوم أو يومين، لكن توفر للمفوضية وقت طويل للقيام بذلك قبل كل الانتخابات السابقة ولكنها لم تفعل. وأتمنى على المفوضية أن تسعى لاعتماد هذه الطريقة في تحديث سجل الناخبين في الانتخابات المقبلة، وأن لا تبقى حبيسة الطريقة الروتينية التي لم تجلب لها غير الانتقاد والتشكيك في نسبة المشاركة الحقيقية في الانتخابات. ولا زال يفصلنا عن الانتخابات المقبلة قرابة السنتين، ولو إستطاع كل مكتب جمع بيانات 10 عوائل باليوم الواحد، لتم إنجاز أعمالها خلال مدة شهرين إلى ثلاثة.

عدم تبني وإعتماد هذه الطريقة في عملية تحديث سجل الناخبين يكرس الإعتقاد بوجود ضغوط سياسية على المفوضية تمنعها عن أداء مهامها، خلافاً للدستور الذي نص على استقلالها، وعندها لابد من طرق ابواب المحكمة الإتحادية لضمان الإلتزام بنصوص الدستور.

أقرأ أيضا