جردة حساب.. أين ذهبت أموالنا؟ (1-10)

وزارة التربية

هذا البحث جزء من كتاب أحاول إنجازه قبل نهاية هذا العام، ولأني أخشى أن لا أستطيع إكماله -كغيره من مشاريع الكتب السابقة- لأسباب مختلفة، ولأن ما وجدته من معلومات حول التخصيصات المالية لمختلف الوزارات والمحافظات والمؤسسات العراقية أثار ذهولي وإستغرابي وإستيائي من الطبقة السياسية التي أدارت البلد بعد 2005 ، آليت أن أشارك القراء الأفاضل ما اكتشفته، ليعلموا حجم الأموال التي أهدرت والتي لم يعرفوا مصيرها على مدى عقدين من الزمن.

سأكتب عن كل وزارة أو مؤسسة لوحدها مستعرضاً أهم الفقرات التي تحتاج إلى توضيح من الجهة ذات العلاقة، مستنداً في بحثي هذا على معلومات مستقاة من مصادر رسمية، مثل مواقع الوزارات، وموقع مجلس النواب، والقوانين العراقية ، ومنها قوانين الموازنات في السنوات التي سأشير إليها، وبإمكان من يريد التحقق من أية معلومة ترد في هذا البحث ، البحث عنها في المصادر أعلاه، والتي سأضع روابط بعضها أو إسمها في الهوامش أسفل كل صفحة من البحث. سأبدأ من وزارة التربية، على أن أتبع هذه المقالة بسلسلة من المقالات حتى إكمال البحث ، تتحدث كل مقالة منهاعن وزارة بعينها.

أدناه جدول بالموازنات التشغيلية لوزراة التربية إبتداءً من سنة 2011 ولغاية سنة 2019، مع أن السنوات السابقة لسنة 2005، والسنوات اللاحقة لسنة 2019 فيها أيضاً بعص التفاصيل الغريبة، لكني سأكتفي بما موجود في هذه السنوات فقط.

السنةالنفقات التشغيليةالقوى العاملة
20117133005616566161
20127603235708601164
20137980460000644613
20147980460000644613
20157272790858665953
20167,712,984,541668124
20171,457,626,225130634
20181705680698155000
20192047945760155078
20202222374870154107
جدول رقم (1) الموازنات التشغيلية والقوى العاملة لوزارة التربية

ما يثير الإستغراب أن أعداد القوى العاملة لوزارة التربية منذ عام 2005 بدأت في التصاعد، وبلغت ذروتها في عام 2016 حيث أصبح مجموع القوى العاملة للوزارة في تلك السنة (668,124)[1] موظف، ثم ينخفض الرقم إلى ما يقارب خمس هذا الرقم في السنة التالية حيث يبلغ (130,634)[2] موظف، فكيف حدث هذا الإنخفاض المفاجئ، علماً أن الفرق بين العددين يبلغ (537,490) موظفاً، أي أكثر من منتسبي وزارة الدفاع في السنة نفسها (2016)، أو بالأحرى هو أقرب إلى ضعف عدد منتسبي وزارة الدفاع لتلك السنة!

الجدول أدناه يبين القوى العاملة لوزارة التربية في السنوات المبينة في حقل السنوات. نلاحظ فيه ، أن عدد القوى العاملة من الدرجة السابعة ارتفع  عن عددهم في سنة 2005 بمقدار (84,635)، وهورقم يثير الإستغراب، فنحن نعلم أن قانون تعديل رواتب ومخصصات موظفي القطاع الحكومي يشترط مضي خمس سنوات ليرتقي الموظف من درجة أدنى إل درجة أعلى، وهذا الشرط غير متحقق في الحالة التي أشير إليها، حيث أن عدد موظفي الدرجة الثامنة في سنة 2005 التي من المفترض أن يترقى منها أصحاب الدرجة السابعة الجدد في سنة 2006 يبلغ (56,645) موظفاً، ولو افترضنا -جدلاً- أن جميعهم استحقوا الترفيع وأن جميعهم أنهوا خمس سنوات في درجتهم السابقة (الثامنة)، يبقى الفرق بين الرقم (84,635) ومجموع عدد موظفي الدرجة الثامنة في سنة 2005 الذي هو (56,645)، يبقى الفرق هو (27,990) موظفاً، لا نعلم من أية درجة ترقوا وكيف أصبحوا فجأة في الدرجة السابعة. هذا إذا سلمنا بأن كل موظفي الدرجة الثامنة للسنة السابقة-2005- قد إستحقوا الترقية سوية دفعة واحدة، وهو أمر مستحيل الحدوث.

جدول رقم (2) يبين القوى العاملة لوزارة التربية للسنوات المشار إليها

في الجدول رقم (2) أشرت إلى راتب ومخصصات كل درجة وظيفية حسب قانون التعديل الثاني لأمر سلطة الإئتلاف رقم 30 لسنة 2003 المرقم 22 لسنة 2008، وافترضت أن الموظف يأخذ فقط مخصصات شهادة، ومخصصات زوجية تبلغ 50 الف دينار، ولم أضف المخصصات الأخرى مثل مخصصات الخطورة، والموقع الجغرافي، وسنوات الخدمة، والأبناء، وغيرها، وأفترضت أن أغلبهم بإستثناء الدرجات العليا (أ) والعليا (ب)، لديهم شهادة أولية (بكالوريوس)، وبينت كم يبلغ راتب كل موظف في كل درجة وظيفية.

وبالعودة إلى الجدول رقم (2) أعلاه نجد أن مجموع رواتب القوى العاملة لسنة 2016 يبلغ (436,024,602) (أربعمائة وستة وثلاثون مليار و24 مليون ، وستمائة والفا دينار) بينما المخصصات التشغيلية للوزارة في هذه السنة في قانون الموازنة تبلغ (7,712,984,541) (سبعة ترليون وسبعمائة وإثناعشرملياراً وتسعمائة وأربعة وثمانون مليوناً ، وخمسمائة وواحد وأربعون الف دينار) أي أكثر من سبعة أضعاف مجموع رواتب الوزارة لتلك السنة، فأين يذهب الفرق،خاصة وأن العمود الفقري للموازنة التشغيلية لأية مؤسسة هي رواتب موظفيها؟

الجدول رقم (1) أعلاه يبين أن مبلغ النفقات التشغيلية لسنة 2017 إنخفض ليبلغ (1,457,626,225) (ترليون واربعمائة وسبعة وخمسون ملياراً وستمائة وستة وعشرون مليونا ، ومئتان وخمسة وعشرون الف دينار) بينما مجموع الرواتب لتلك السنة – حسب الجدول رقم (2)- يبلغ (86,611,464) (ستة وثمانون ملياراً وستمائة وإحدى عشر مليوناً وأربعمائة وأربعة وستون الف دينار)، صحيح أن الجدول رقم (2) لم يأخذ بنظر الإعتباربعض المخصصات الأخرى-غير المعلنة وغير المعروفة- لكن تلك المخصصات لا يمكن أن تزيد عن ضعف أو ربما ثلاثة أضعاف الرقم المثبت في الجدول رقم (2)، ولو إفترضنا أن مبالغ تلك المخصصات يبلغ ثلاثة أضعاف المبلغ (86,611,464 * 3 = 259,834,392) وهو رقم يساوي أقل من 2% من مبلغ النفقات التشغيلية المثبت في قانون الموازنة لسنة 2017، وكما أسلفت فإن رواتب الموظفين يفترض أن تأخذ مبلغ 90% أو أكثر من النفقات التشغيلية لكل مؤسسة، لكن نلاحظ هنا أنه لا يأخذ أكثر من 2% من مبلغ النفقات التشغيلية، فأين يتم صرف المتبقي ولأي غرض؟

نعود إلى الفرق الكبير في أعداد الموظفين بين السنتين 2016 و2017 البالغ (84,635) لنكتشف أن مجموع رواتب هذا العدد يبلغ ( 349,413,138 ) (ثلاثمائة وتسعة واربعون ملياراً، وأربعمائة وثلاثة عشرمليوناً ومائة وثمانية وثلاثون الف دينار). وهو يساوي كلفة بناء ما يزيد على 300 مدرسة جديدة.

الجدول رقم (1) يبين أن النفقات التشغيلية لوزارة التربية من سنة 2011 لغاية سنة 2016 داخل، لم تقل عن سبعة ترليونات دينار سنوياً، بينما حسابات الرواتب في السنة التي شهدت أعلى رقم لموظفي الوزارة -سنة 2016- لم يبلغ نصف ترليون دينار، اي أن مجموع الفروقات في هذه السنوات الستة فقط يبلغ (6,5 ترليون* 6=39) ترليون دينار، مع أن السنوات التي سبقت 2011 والسنوات التي أعقبت سنة 2017 فيها فوارق كبيرة أيضاً.

الملاحظات أعلاه جزء يسيرمن ملاحظات كثيرة تخص الموازنات التشغيلية لوزارة التربية، وأنا لم أتطرق إلى موضوع الموازنات الإستثمارية في الوزارة ، ولا إلى موضوع طباعة مناهج الدراسة الذي يحتم طباعة كتابين لكل مادة من مواد الصفوف الإبتدائية، وإدخال مادة العلوم بكتابين يتضمن تعريف المادة وخواصها وأنواع الطاقة وتعريفها لطالب الصف الأول الإبتدائي الذي لم يتعلم بعد نطق وكتابة حروف لغته العربية!


[1] قانون الموازنة لسنة 2016

[2] قانون الموازنة لسنة 2017

أقرأ أيضا